تستند المملكة العربية السعودية في جهودها لحماية البيئة على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاجتماعي، دافعها في المقام الأول الواجب الديني والوطني والإنساني والمسؤولية أمام الأجيال القادمة، ولذلك وازنت بين صون البيئة والتنمية المستدامة ضمن مستهدفات رؤيتها المستقبلية 2030.

وعلى قدر اهتمام المملكة بشؤون بيئتها محلياً، أطالت مدى ذلك فجاوزت الحدود لتعاضد المجتمع الدولي تجاه المخاطر المحدقة بكوكب الأرض بيئياً ومناخياً، واستشعرت ضرورة الوصول إلى حلول ناجحة وفق منظور أممي تغلب فيه مقومات الحياة واستدامتها على أساس أنها " قضية دولية" تجثو بتأثيرها على وجه البسيطة وقاطنيها.

وخلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين العام الماضي، عززت من دورها الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، والإسهام في حماية كوكب الأرض، ونتج عن ذلك إصدار إعلان خاص حول البيئة لضمان مستقبل مستدام يحد من التدهور البيئي والحفاظ على التنوع الحيوي والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية وإصلاحها، والمحافظة على المحيطات، وتشجيع توفر الهواء والماء النظيفين، والتعامل مع الكوارث الطبيعية والظواهر المناخية الشديدة، ومعالجة التغير المناخي .

وخلصت دول مجموعة العشرين برئاسة المملكة في بيانها الختامي إلى التأكيد على دعم معالجة التحديات البيئية الملحة مثل التغير المناخي وفقدان التنوع الحيوي، في ظل سعيها إلى تعزيز النمو الاقتصادي وأمن الطاقة ووصولها إلى الجميع وحماية البيئة.

وأمام هذه التحديات العالمية، جاء تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله- خلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين العام الماضي، أن المملكة برئاستها للمجموعة شجعت إطار الاقتصاد الدائري للكربون الذي يمكن من خلاله إدارة الانبعاثات بنحو شامل ومتكامل بهدف تخفيف حدة آثار التحديات المناخية، وجعل أنظمة الطاقة أنظف وأكثر استدامة، وتعزيز أمن واستقرار أسواق الطاقة.

وبشرت المملكة الجهود العالمية بإطلاق البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون، كمثال ودعوة للدول الأخرى للعمل جنباً إلى جنب لتحقيق أهداف هذا البرنامج المتمثلة في التصدي للتغير المناخي مع الاستمرار في تنمية الاقتصاد وزيادة رفاهية الإنسان، فضلاً عن خطط المملكة في مجال مصادر الطاقة المتجددة، والتي تشمل "طاقة الرياح والطاقة الشمسية" اللتين ستمثلان ما نسبته 50% من الطاقة المستخدمة لإنتاج الكهرباء في المملكة بحلول عام 2030م.

وخلال السنوات العشر الماضية، بادرت السعودية باتخاذ خطوات ملموسة في مجال الطاقة المتجددة، والتصدي للتغير المناخي، حيث أطلقت عام 2012م البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة، ذو الأثر الفعال على صعيد جهود تقليل الانبعاثات ضمن مبدأ الاقتصاد الدائري للكربون، إضافة للعديد من المبادرات المعنية بالتقاط الكربون وتحويله إلى مواد خام ذات قيمة، ويشمل ذلك المنشأة الأضخم في العالم لتنقية ثاني أكسيد الكربون التي أنشأتها الشركة السعودية للصناعات الأساسية " سابك " بمقدار 500 ألف طن في السنة، وكذلك خطة أرامكو السعودية للاستخراج المحسن للنفط بمقدار 800 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وتطوير أضخم منشأة للهيدروجين الأخضر في منطقة نيوم.

وأسهمت الجهود السعودية في تنمية المحميات الطبيعية المحلية عبر اتساع نطاق رقعتها الجغرافية من 4% إلى أكثر من 14% في المحافظة على البيئة الطبيعية والنباتية والحياة الفطرية وتكاثرها وإنمائها والحد من الصيد والرعي الجائر ومنع الاحتطاب، وأدت خلال السنوات الأربع الماضية إلى زيادة الغطاء النباتي في المملكة بنسبة 40%.

وشملت مستهدفات رؤية المملكة 2030 مواجهة التحديات والمخاطر من خلال رفع كفاءة إدارة المخلفات، والحد من التلوث بمختلف أنواعه، ومقاومة ظاهرة التصحر، والعمل على الاستثمار الأمثل للثروة المائية عبر الترشيد واستخدام المياه المعالجة والمتجددة، والتأسيس لمشروع متكامل لإعادة تدوير النفايات.

كما أطلقت حكومة خادم الحرمين الشريفين، مبادرات من أهمها مبادرة "الرياض الخضراء" التي تستهدف زراعة أكثر من 7.5 مليون شجرة في كافة أنحاء العاصمة، مما يرفع نصيب الفرد من المساحة الخضراء في المدينة، وزيادة نسبة المساحات الخضراء الإجمالية فيها من خلال إطلاق مبادرات نشر وتكثيف التشجير في كافة عناصر المدينة ومختلف أرجائها، مع تحقيق الاستغلال الأمثل للمياه المعالجة في أعمال الري، بما يساهم في تحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة في المدينة، وتشجيع السكان على ممارسة نمط حياة أكثر نشاطاً وحيوية بما ينسجم مع أهداف توجهات "رؤية المملكة 2030".