بالفعل، لا شيء يبقى على حاله، فتبدوا الأشياء في قمة زهوتها عند اختراعها، إلا أنها تفقد تلك الزهوة تدريجيًا حتى تنتهى مع صعود بديل جديد، وهو ما حدث أيضًا للصحف الورقية التي شهدت، خلال السنوات الأخيرة، موجة اندثار على مستوى العالم، بعد مرورها بأزمات مالية طوت عقود من الإصدار الورقي لعدة صحف عريقة، على رأسها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، وشقيقته الأسبوعية "إندبندنت أون صنداي"، وهي الأزمة التي أثرت بشكلٍ كبير على شارع الصحافة البريطاني العريق "فليت ستريت"، وعربيًا، بلغت الأزمة مداها بإعلان صحف "السفير" و"الحياة" التوقف عن إصدار نسختيهما الورقية بعد عقود من التربع على عرش الصحافة الورقية فيما يتعلق بالتغطية العربية والدولية أيضًا.
بالمثل، كان الراديو هو الاختراع الذي غير وجه التاريخ، بعد أن تمكن غولييلمو ماركوني، في عام 1901، من اختراع أول جهاز لاسلكي يستخدم الموجات الكهرومغناطيسية في إنتاج الإشارات الصوتية لمسافات بعيدة، وعلى الرغم من احتفاظ الراديو برونقه وأهميته كوسيلة إعلامية على مدى أكثر من 100 عام، إلا أن مراحل التطور التي طرأت على التلفزيون من الميكانيكية إلى الإلكترونية طغت بشكل كبير على استخدام الراديو، فلم يكتفي جماهير الراديو بالصوت فقط، وإنما دفعهم الشغف لمعرفة ما وراء ذلك من خلال التلفزيون.