هل تعلم أن دورات المياه العمومية، تخضع لمعايير هندسية وصحية دقيقة في بعض الدول؟ تلك حقيقة وواقع مشهود في شوارع نيويورك وواشنطن ولندن وطوكيو، بل في جميع عواصم رابطة دول جنوب آسيا، حيث تظهر دورات المياه العمومية بتصميم موحد، ومعايير ثابتة، وإجراءات رقابية مشددة، وأعمال الصيانة دورية متطابقة، وإجراءات صحية تتناسب مع حق الإنسان في الوصول إلى مياه نظيفة وصرف صحي آمن، وفق مبادئ حقوق الإنسان التي رسختها الأمم المتحدة، حيث خصصت المنظمة الدولية يوم 19 نوفمبر من كل عامٍ يومًا عالميًا للمرحاض لتعزيز الوعي بحق 4.2 مليار شخص في العالم يعيشون دون الوصول إلى مرافق الصرف الصحي المدارة بأمان. ولعل الأغلبية لا يعلم بوجود منظمة عالمية، تدعى منظمة المراحيض العالمية (world toilet organization) والتي تأسست في 19 نوفمبر 2001، للفت الانتباه العالمي إلى أزمة الصرف الصحي، وفي القلب منها ندرة واختفاء المراحيض العامة في بعض الدول. وفي العام 2018 فقط كانت مدينة سياتل أول مدينة أمريكية تنشر خريطة تفاعلية للمراحيض، للتسهيل على المواطنين والمقيمين الوصول إليها عند الحاجة
في الولايات المتحدة الأمريكية، تأسست منظمة السلامة والصحة المهنية (OSHA) عام 1970 بهدف ضمان أن يوفر أرباب العمل لجميع الموظفين ظروف عمل آمنة ومريحة، وفي قلب الشروط الواجب توافرها إمكانية الوصول إلى دورات مياه صحية وآمنة ومناسبة، ويمكن أن يؤدي عدم الامتثال لتلك اللوائح إلى قيام الموظفين برفع دعاوى قضائية ضد صاحب العمل، مما يمكن أن يكبّده تعويضات ماليًا على المؤسسة التجارية وتشويه سمعتها، كما تنص لائحة المنظمة على أنه ليس من حق صاحب العمل فرض قيود على الموظفين، مثل عدد المرات أو الأوقات التي يمكنهم فيها الوصول إلى الحمام. وفيما يتعلق بطريقة التصميم،
فإن قوانين المراحيض العامة يجب أن تناسب جميع مستويات الطول والوزن للأشخاص، وتحقيق درجة الملائمة اللازمة لذوي الإعاقات، على أن تكون صالحة للاستخدام مع اختلاف درجات الإعاقة، وهو الأمر ذاته فيما يتعلق بمراحيض الموظفين.
وفي العام 2018 فقط كانت مدينة سياتل أول مدينةأمريكية تنشر خريطة تفاعلية للمراحيض،للتسهيل على المواطنين والمقيمين الوصول إليها عند الحاجة. وفي العاصمة واشنطن، أقر مجلس العاصمة مشروع قانون الحمامات العامة في 2018، وأصبح قانونًا في أبريل 2019، وحتى قبل هذا التاريخ لم تكن هناك معايير واضحة تخص عدد المراحيض العامة في واشنطن، ولا سعتها أو مساحتها.
وتجري حاليًا مجموعة عمل مشتركة بين الوكالات في العاصمة و4 منظمات غير ربحية وخبير في التخطيط الحضري، دراسات لتصميم دورات المياه وفق مساحة موحدة، كما جرى تنفيذ نماذج للتجربة في عدد من شوارع العاصمة.
ووضعت منظمة أمريكية تخصصت في حقوق الإنسان في توفر المراحيض العامة، وتدعى public hygiene lets us stay human (PHLUSH)، معايير خاصة بتصميم دورات المياه، بحيث تخضع ظاهريًا للمراقبة الطبيعية من قبل المجتمع، وتطبيق أعلى الدرجات الاحترازية لمنع الجريمة من خلال التصميم البيئي من حيث الموقع والتخطيط والإضاءة والسطح والمواد والتركيبات والأجهزة، وحماية المستخدمين، وخاصة الأطفال، من الاتصال غير الملائم مع الآخرين، وتصميم الأبواب بطول كامل مع فجوة 2 بوصة في الأسفل، وقفل داخلي يمكن للسلطات فتحه من الخارج في حالات الطوارئ.
ووفق رابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN)، فإنه يجب أن يحتوي المرحاض على نظام تهوية مناسب مثبت في المرحاض أو على الأقل لها نوافذ مفتوحة لتدوير الهواء، ووضع صندوق اقتراحات بشكل ملائم بالقرب من أو حول المدخل، ، وأن يتم عمل مرحاض واحد على الأقل لذوي الإعاقة، على أن يكون بابه أكبر لدخول الكراسي المتحركة، وكذلك ضرورة توافر أماكن مخصصة للأطفال الرضع.
وأشارت الرابطة إلى أهمية وضع المرحاض في منطقة آمنة لتجنب التشجيع على أية أنشطة غير قانونية، كما يجب أن يكون المرحاض ثابتًا هيكليًا مع عدم وجود علامات تشققات أو عيوب هيكلية، والحفاظ على المنطقة المحيطة به نظيفة وآمنة، وتوفير وسائل الراحة مثل "ورق التواليت" ومجفف الأيدي وسلة المهملات والصرف الصحي، ومن الجدير بالذكر أن بعض الدول الآسيوية، باتت تنشئ مراحيض ذكية.
بينما كان من الطبيعي وضع المراحيض العامة تحت الاستخدام المجاني للجمهور، فإن بعض الدول الأوروبية مثل (بريطانيا وألمانيا والسويد) تفرض رسومًا حتى وإن كانت رمزية بقيمة دولارٍ واحدٍ مقابل الاستخدام، وفق مجلة إنسايدر الأمريكية، التي أشارت إلى أن تلك المبالغ تُخصص للإبقاء عليها نظيفة وتوفير متطلباتها من ورق التواليت والصابون. وفي بريطانيا يُطلق على دورات المياه مصطلح "الكبسولة" ويجب أن تحتوي جميع المقصورات القياسية على مساحة تحرك داخلي بقطر 450 مم، كما يجب أن يكون العرض الداخلي للمقصورة 800 مم، والطول 1500 مم.
أما الأبعاد القياسية للدورات المخصصة لذوي الإعاقة، فيجب أن يكون عرضها 850 مم، والطول 1500مم، مع إمكانية فتح الباب من الخارج.
في 2013 طفت على السطح تجربة لإنشاء دورات مياه عمومية ذكية، كمرحلة أولى في الأحساء، حيث تم الإعلان عن تطبيق نظام البطاقات الذكية المدفوعة مسبقًا التي تسمح للشخص باستخدام دورات المياه العامة، في بعض المناطق وهي الخطوة التي من شأنها تطوير نوعية الخدمات المقدمة للمواطنين. لكن سرعان ما توقف الحديث عن التجربة التي أحدثت رواجًا إعلاميًا كبيرًا داخل المملكة، ولاقت استحسانًا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما أن المرحلة الأولى التي سبق الإعلان عنها كانت في طرق مهمة، مثل طريق الرياض بمدينة الهفوف، وطريق الظهران بمدينة المبرز.
وفي 2019، أعلنت محافظة الأحساء عن استمرار المشروع استكمالًا للتجربة التي يفترض تعميمها في المملكة، لكنها لم تتطرق نهائيًا إلى أنها مسبقة الدفع أو ذكية، ما اعتُبر تراجعًا عن فكرة الاستخدام بمقابل رمزي، على أن تكون عمومية ومجانية، يجري حاليًا إنشاء نماذج من هذه الدورات يصل عددها إلى 25 دورة مياه بمواصفات موحدة، تتميز بالقواعد والأسقف الخرسانية والحوائط مسبقة الصُنع، وتقدر مساحة الوحدات الـ25 بـ 1925 مترًا مربعًا، ما يعني أن الوحدة الواحدة تصل مساحتها إلى 77 مترًا مربعًا، وروعي فيها إنشاء دورات لذوي الإعاقة من الجنسين.
ولا تقتصر المراحيض العامة في السعودية على الطرق السريعة فقط، بل في الطرق الداخلية للمدن الكبرى، ويصل عددها على مستوى المملكة 2,823 موزعة على مناطق ومحافظات المملكة، لكن الملاحظ من خلال بيانات توزيع هذه المراحيض عدم ملاءمتها للكثافة السكانية، فرغم أن العدد الأكبر جاء في منطقة الرياض الأعلى كثافة في السعودية، إلا أنه لوحظ أن منطقة عسير حلّت في المرتبة الثانية من حيث عدد المراحيض العامة، والقصيم ثالثًا، في حين أن مكة المكرمة والمدينة المنورة جاءتا في المرتبة الثانية والثالثة من حيث الكثافة السكانية، وبالأرقام جاء توزيع دورات المياه العمومية في السعودية كالتالي:
ولا تقتصر المراحيض العامة في السعودية على الطرق السريعة فقط، بل في الطرق الداخلية للمدن الكبرى، ويصل عددها على مستوى المملكة 2,823 موزعة على مناطق ومحافظات المملكة، لكن الملاحظ من خلال بيانات توزيع هذه المراحيض عدم ملاءمتها للكثافة السكانية، فرغم أن العدد الأكبر جاء في منطقة الرياض الأعلى كثافة في السعودية، إلا أنه لوحظ أن منطقة عسير حلّت في المرتبة الثانية من حيث عدد المراحيض العامة، والقصيم ثالثًا، في حين أن مكة المكرمة والمدينة المنورة جاءتا في المرتبة الثانية والثالثة من حيث الكثافة السكانية، وبالأرقام جاء توزيع دورات المياه العمومية في السعودية كالتالي:
وتنص لائحة وزارة الشؤون البلدية والقروية ، المتعلقة باشتراطات تراخيص محطات الوقود، تنص على تخصيص دورات عامة بمحطات الوقود ضمن اشتراطات الترخيص، على أن يستخدم السيراميك من النوع المانع للانزلاق في الأرضيات لا تقل سماكته عن 8مم، وتخصيص السيراميك الناعم الأملس في الحوائط بسمك 6مم وبارتفاع الحائط، وأن تكون الأبواب جيدة الغلق، ومدهونة بطلاء عازل للرطوبة، مع توفير عدد مناسب من مغاسل الأيدي وتزويدها بالمياه الحارة والباردة، وسلال المخلفات، وفي حالة مخالفة أي من هذه الاشتراطات النظامية توجب توقيع عقوبات متصاعدة تصل إلى حد إغلاق المحطة، وإخطار شركة أرامكو بعدم تزويدها بالوقود لاحقًا. كما تشترط اللائحة تخصيص دورات عامة بالمسجد المرفق بمحطة الوقود، على أن يصل عددها إلى 8 دورات للرجال و6 للنساء، مع تخصيص دورة مياه في كلا الجانبين لذوي الإعاقة.
تحذر منظمة الصحة العالمية من انتشار الأوبئة والعدوى عبر المراحيض العامة التي لا تخلو من الجراثيم، في أرضيتها، ومغسلتها، ومقعد المرحاض، ومقبض الباب، حيث ذكرت أن الجراثيم يمكنها التحرك حتى 6 أقدام، كما يمكن أن تظل في الهواء لنحو ساعتين، وتعد بكتيريا الإشريكية القولونية، والمكورات العقدية، الأكثر انتشارًا داخل المراحيض العامة، والتي يمكن أن تسبب إسهالًا دمويًا، ودوسنتاريا، وأمراض هضمية يمكن أن تؤدي إلى الوفاة. وتنصح المنظمة بعدم استخدام المراحيض غير الآمنة، وهي التي لا يستخدم المطهرات في تنظيفها، كما يُنصح بعدم ملامسة الأرضية أو وضع أي متعلقات عليها، حيث أنها تحوز أعلى نسبة للجراثيم، والتقليل من ملامسة الجدران والأغطية في المراحيض، وغسل الأيدي جيدًا فور انتهاء الاستخدام.