مبادرات ومساعدات.. دعم مادي ومعنوي..
حشد دولي وإقليمي.. موقف ثابت
لم يتغير منذ عهد الملك المؤسس -طيب الله ثراه- بشأن القضية الفلسطينية، التي اعتبرتها السعودية قضيتها الأولى، فدافعت عنها منذ البداية، حين رفضت تقسيم فلسطين واحتلالها، مرورًا بإعلان مبادراتها لتحرير الأراضي الفلسطينية، ومواجهة القوى العالمية، بل والمشاركة العسكرية في سبيل تحقيق هذا الهدف.
«أبناء فلسطين أبنائي.. فلا تدخروا جهدًا في مساعدتهم وتحرير أراضيهم» كلمات وجهها الملك عبدالعزيز، في وداع أبناء السعودية المتطوعين في الحرب العربية عقب الإعلان عن خطة توطين اليهود في فلسطين، ولم يكن ذلك سوى مجرد بداية في تاريخ ملحمة طويلة من الدعم السعودي الذي وضع أساسه الملك المؤسس، وسار على نهجه مَن حمل الراية بعده من الملوك والقادة، حتى ظلت القضية من ثوابت السياسة الخارجية للمملكة، وعلامة في جميع خطاباتها الرسمية ومواقفها الدبلوماسية الإقليمية والدولية.
لم تكن تلك هي البداية، فبالعودة إلى عام 1929م، كان الملك المؤسس في مقدمة الرافضين لاستهداف متطرفين للمصلين المسلمين بالقنابل، وفي عام 1936م، وجّه بتقديم مساعدات عاجلة لثورة الفلسطينيين ضد الاحتلال البريطاني، كما كان أشد الرافضين لخطة توطين اليهود بالأراضي الفلسطينية عام 1945م، وأمد المقاومة بالمال والمتطوعين السعوديين، كما أوفد ابنه الأمير سعود -ولي العهد آنذاك- إلى فلسطين في مهمة دعم وتأييد، حيث زار مدن عديدة من بينها يافا، ونابلس، وبيت لحم، ورام الله، والقدس.
واستكمالًا للمواقف المؤيدة، افتتحت السعودية عام 1941م، قنصلية عامة في القدس الشريف، وعينت الشيخ يوسف الفوزان قنصلًا عامًا لها، للوقوف عن قرب على احتياجات الشعب الفلسطيني.
ولم تنتهِ مواقف الملك عبدالعزيز عند هذا الحد، حيث تذكر الوقائع التاريخية أن السفير الأمريكي بالمملكة «وليام إدي» رفع برقية إلى حكومته مطلع 1945م ذكر فيها أن الملك عبد العزيز قال له «شرف لي أن أموت شهيدًا في ميدان الجهاد دفاعًا عن فلسطين»، وكشفت الوثائق البريطانية أن الملك المؤسس رفض مساعدة بريطانية للمملكة قدرها 20 مليون جنيه إسترليني، مقابل تأييد هجرة اليهود إلى فلسطين، وقال كلمته الشهيرة للمندوب البريطاني: «عبدالعزيز لا يبيع حفنة واحدة من تراب فلسطين بكل مال الدنيا».
وبشأن القضية ذاتها، وجه الملك عبدالعزيز رسالة مطولة إلى «روزفلت»، في العام ذاته، أكد فيها أن حق العرب في فلسطين لا يحتاج إلى اعترافات أو بيانات، وأن العرب هم سكان فلسطين منذ أقدم عصور التاريخ وكانوا سادتها والأكثرية الساحقة فيها في كل العصور، ولهم حقوق ثابتة أهمها حق الاستيطان منذ العام 350 قبل الميلاد.
تُعد حرب فلسطين 1948م أولى الحروب التي شارك فيها الجيش السعودي بعد تأسيس الدولة السعودية الثالثة، حيث أرسل الملك المؤسس الجيش العربي السعودي وقوات عسكرية وكميات كبيرة من الذخائر والبنادق إلى الثوار في فلسطين، وتوجهت الدفعة الأولى بالطائرات، فيما أرسلت بقية السرايا بالبواخر، وبلغ عدد ضباط وأفراد الفرقة قرابة ثلاثة آلاف ومائتي ضابط وجندي. وفي هذا الصدد، تشير الذاكرة التاريخية إلى بسالة القوات السعودية في المعارك التي خاضتها إلى جانب الجيوش العربية في الحروب التي كانت القضية الفلسطينة هي شرارتها الأولى والأخيرة .
ليس أدل على أن القضية الفلسطينية تحتل أولويات المملكة من إطلاق السعودية اسم «قمة القدس» على القمة العربية التي ترأستها في دورتها العادية التاسعة والعشرين، بمدينة الظهران عام 2018م، والتي أعلن فيها خادم الحرمين الشريفين عن تبرع المملكة العربية السعودية بمبلغ (150) مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، و(50) مليون دولار للأونروا.
وفي العام ذاته، بذلت السعودية جهودًا ضمن اللجنة العربية المعنية بالتصدي للترشيح الإسرائيلي لشغل مقعد غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2019-2020، وتوحيد الجهود الدبلوماسية العربية لمواجهة التمدد الإسرائيلي، من خلال تعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة بين الدول العربية والتجمعات الإقليمية والدولية.
كما تصدرت «القضية الفلسطينية» اهتمامات خادم الحرمين الشريفين خلال جولاته الخارجية، وكذلك في المحافل الإقليمية والدولية، التي أكد خلالها على تقديم الدعم والتأييد اللازم لنصرة القضية الفلسطينية وصولًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 م، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.