أنا رجل عمل.. إذا قلت فعلت، مقولة شهيرة للملك المؤسس –طيب الله ثراه- لكنها أكثر من مجرد كلمات يحفظها أبناء المملكة العربية السعودية، بل واقعًا عمليًا يرونه وعهدًا مع قادتهم منذ عهد الملك عبدالعزيز إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.. واقعًا ملموسًا في جميع ربوع المملكة على جميع الأصعدة الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والإنسانية. أشهر قليلة، وتعلن حكومة خادم الحرمين الشريفين عن الاستراتيجية الكاملة لتطوير الرياض، والتي كشف سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن ملامحها خلال مشاركته في جلسة حوار بعنوان "مستقبل الرياض" ضمن الدورة الرابعة لمبادرة مستقبل الاستثمار، حيث ذكر أن "استراتيجية الرياض ستكون طموحة ومفاجئة للسعوديين والعالم".

كلمات تضع أمام السعوديين رؤى الواقع، واستشراف المستقبل، فالواقع يقول أن الطموح السعودي لا يعرف الحدود، حيث أن هذه العاصمة (الرياض) التي تخطط حكومة خادم الحرمين الشريفين لتطويرها، لديها بالفعل مؤشرات عالية المستوى على الصعيدين الإقليمي والعالمي.. هل تعلم أن الرياض التي يجري التخطيط لتطويرها واحدة من مصاف العواصم العالمية، ومتقدمة في مؤشر أذكى المدن في العالم على عواصم كبرى كطوكيو وباريس وروما وبكين وأنقرة وكوالالمبور وموسكو وأثينا وميلان؟ وهل تعلم أن الرياض هي العاصمة الرقمية الأولى على المستوى العربي؟ بل والأولى عالميًا في إصلاحات رقمنة الأعمال، وكذلك الأولى على مستوى الشرق الأوسط في مجال الأمن الرقمي، والسادسة والعشرين عالميًا في مجال جودة الحياة متوفقة على نيويورك ومدريد وميلان وباريس.

لكن استشراف المستقبل، وعدم الانتظار ومباغتة التحديات قبل تراكمها، وخلق الطموح، هي استراتيجية خادم الحرمين الشريفين منذ عقود طويلة، فما بين الملك سلمان والرياض قصة من نوعٍ آخر، فهو مؤسس نهضتها، وباني ريادتها، منذ تولى منصب أمير الرياض عام 1954، حينها كانت الرياض تٌعرف بسورها الطيني الذي يحيط بها من جميع أبوابها، قبل أن تتحول إلى مدينة ساحرة يقطنها حوالي 8 ملايين نسمة، وعلامة شاهقة للتطور والحداثة والتنمية المستدامة، والأهم أنها باتت عاصمة القرار العربي في زمن السلم والحرب.

هذا ما وضعه الملك سلمان على رأس أولوياته قبل نحو 50 عامًا.. عاصمة عالمية، تكسوها الحداثة، والتطوير، وهكذا تخطط حكومته –أيده الله- لمستقبل الرياض التي تشكل 50% من الاقتصاد غير النفطي بالسعودية، لتكون من أكبر 10 اقتصاديات مدن في العالم، وفق ما أعلن سمو ولي العهد، حين أكد أن كل الخصائص التي تمتلكها الرياض تعطي ممكّنات لخلق وظائف وخلق نمو في الاقتصاد وخلق استثمارات وخلق العديد من الفرص، وأضاف: "نستهدف أن تكون الرياض من أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم، اليوم هي رقم أربعين، من أكبر أربعين اقتصاد في العالم كمدينة، نستهدف في الرياض أن نصل من 7.5 ملايين نسمة إلى ما بين 15 و 20 مليون نسمة في 2030.. الرياض تشكل ما يقارب 50% من الاقتصاد الغير نفطي و45 % من الاقتصاد السعودي".

وتتخذ السعودية خطوات مدروسة من أجل تعزيز الاستثمار بوجه عام في المملكة، والرياض على وجه الخصوص، تشمل إصلاحات تشريعية، وإنشاء 20 منطقة اقتصادية خاصة، 6 منها في الرياض، إلى جانب المراكز المالية التي ستستضيف الشركات العالمية، ومناطق اقتصادية مخصصة للأمور الرقمية والإبداعية واللوجستية، وجميعها ستكون مدعومة ببيئة تشريعية تنظيمية وجاذبة للمستثمرين، بحيث تقلل مخاطر ممارسة الأعمال وتجعل ممارسة الأعمال في المملكة أكثر تنافسية.

الاستراتيجية الجديدة تأتي بعد نحو عامين على إطلاق حكومة خادم الحرمين الشريفين 4 مشروعات كبرى في مدينة الرياض، بلغت تكلفتها الإجمالية 86 مليار ريال، وتشمل: مشروع حديقة الملك سلمان ومشروع الرياض الخضراء ومشروع المسار الرياضي ومشروع الرياض آرت.

ولا تتوقف الحركة في الرياض عند هذا الحد، بل تسير مشروعات عملاقة أخرى على مستوى البنية التحتية والتنمية المستدامة، وكذلك المشروعات الثقافية والسياحية كمشروع القدية الذي يعدّ أحد المشروعات السياحية الضخمة التي تسير وفق رؤية المملكة 2020 - 2030 كأحد أهم علامات تنويع الموارد الاقتصادية، وتقع مدينة القدية على بعد 40 كم من وسط مدينة الرياض بتكلفة تبلغ 10 مليارات دولار، كما تبلغ مساحة المشروع الإجمالية 334 كم2 ما يعني أن مساحتها تبلغ ضعفي مساحة ديزني لاند التي تبلغ مساحتها 110 كم2.

الخطة الطموحة التي أعلن عنها سمو ولي العهد، نراها تاريخية بالنظر إلى أن مؤشراتنا تؤكد أن أهم أهدافها هو فك ارتهان الاقتصاد السعودي ببرميل النفط، والتحول نحو اقتصاد غير نفطي مستدام وقوي.. كيف ذلك؟ الرياض من أكبر العواصم العربية من حيث الناتج المحلي الإجمالي، لكن الطموح الكبير لدى حكومة خادم الحرمين الشريفين قادها إلى التخطيط لأن تتبوأ المدينة مركزًا متقدمًا في قائمة الكبار عبر استثمار نحو 440 مليار دولار لرفع كفاءة العاصمة وتحسين جاذبيتها للاستثمار والشركات والسكن والأعمال خلال الـ10 سنوات القادمة، من هنا فإن استراتيجية الرياض التي تم الإعلان عن ملامحها، ما هي إلا ترس واحد في آلة متعددة تقودها حكومة المملكة لفك ارتباط البلاد بالنفط والذي ظلّ طيلة 70 عامًا

هذه قائمة أكبر اقتصادات المدن حول العالم

المدينة الناتج المحلي الإجمالي للمدينة (تريليون دولار) الدولة التابعة لها المدينة الناتج المحلي الإجمالي للدولة (تريليون دولار)
1.نيويورك 2.5 الولايات المتحدة 20.21
2.طوكيو 1.9 اليابان 4.8
3.لوس انجلوس 1.5 الولايات المتحدة 20.21
4.لندن 1.3 بريطانيا 2.4
5.شانجهاي 1.3 الصين 13.8
6.بكين 1.1 الصين 13.8
7.باريس 1.1 فرنسا 2.3
8.شيكاجو 1 الولايات المتحدة 20.21
9.جوانجزو 0.9 الصين 13.8
10.شينزن 0.9 الصين 13.8

المصدر: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD

ما بين الماضي والحاضر.. كيف نستشرف المستقبل؟

لأننا كثيرًا ما نتحدث عن الأسئلة الثلاث الأهم، وهي أين كنّا؟ وكيف أصبحنا؟ وماذا نطمح؟ ومن ثم فإن علينا أولًا أن نقف عند اقتصاد مدينة الرياض الذي يقول واقعه الآتي:

ومع اكتشاف أول بئر في تاريخ النفط السعودي - بئر الدمام – في مارس من العام 1938، أصبحت السعودية هي عاصمة النفط على كوكب الأرض، ومنذ ذلك الحين تسيطر السعودية على أحد المراكز الثلاث الأولى في قائمة أكبر منتجي ومصدري النفط خلال آخر 50 عامًا، وهو ما جعل اقتصادها نفطيًا بامتياز، لكنه في الوقت نفسه جعلها أكبر دولة بالعالم تطبق مفهوم "الدولة الراعية" حرفيًا منذ اكتشاف النفط، وحتى 2015، ومن أشكال الدولة الراعية تطبيق سياسات صفر ضرائب، صفر جمارك، دعم فواتير المرافق، توفير قروض رخيصة، وغيرها. وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي في معظم دول العالم نجده كالآتي:

لكن في السعودية ظل الوضع حتى 2015 كالآتي: الإنفاق على الخدمات العامة ونفقات تشغيل الدولة من عائدات النفط، حتى وصل الاقتصاد إلى شبه رهينة لتقلبات أسعار النفط

ورغم الواقع لا يمكن لأي دولة في العالم أن تتحمله، فإن معلومات الاقتصاد الكلي في السعودية تقول الآتي:

المؤشر القيمة
سعر الصرف 3.7 ريال أمام الدولار
حجم الاقتصاد( 2020) 695 مليار دولار
معدل النمو \ الانكماش 0.3% فى 2019
4.1% فى 2020
نصيب الفرد 20 ألف دولار
قوة العمل الإجمالي: 14 مليون مشتغل
- المقيمون : 11 مليون
- المواطنون : 3 مليون
معدل البطالة (يونيو 2020) 9%
سعر الفائدة (ديسمبر 2020) 1%
معدل التضخم (يناير 2021) 5.7%
المعدل الإجمالي ( للسعوديين وغير السعوديين ) - سبتمبر 2020 8.5%
الاحتياطي من العملات الصعبة (يناير 2021) 450 مليار دولار
الصادرات خلال ( 2020) 657.56 مليار ريال
الواردات ( 2020) 492.6 مليار ريال
متوسط الانتاج اليومي من النفط (خلال 2020) 9.2 مليون برميل
احتياطي النفط 266 مليار برميل
احتياطي الغاز 8 تريليون متر مكعب

المصدر: هيئة الاحصاء // البنك المركزي السعودي تحديثات يناير 2021

2015 .. بذرة الإصلاح تُغرس

فى يناير 2015 ومع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، بدأ مشروع الانطلاق نحو تحقيق اقتصاد متنوع قائم على التوازن، واستشراف المستقبل، واستغلال الإمكانات المتاحة، والفرص الاستثمارية المهدرة، والأهم إزالة حالة عدم اليقين والضبابية بخصوص قراءة الحاضر والمستقبل، لكن الطموح دائمًا ما يواجه تحديات كبيرة، لا تكسرها إلا الهمة والانطلاق نحو القمة.

نموذج واقعي .. ما الذي كان يهدد اقتصادنا قبل 5 سنوات؟!

في 2016 أجرى الأمير محمد بن سلمان حوارًا مطولًا مع 5 صحفيين من وكالة «بلومبيرج»، التي ذكرت في نص الحوار أن المحدثة حين أخذت بالتشعب، سأل سمو الأمير مستشاره المالي المتخرج من جامعة هارفرد "محمد آل الشيخ" أن يعطي شرحًا للأوضاع المستجدة فقال "الشيخ" إنه وخلال الارتفاع الحاد لأسعار النفط خلال الأعوام 2010 إلى 2014، أنفقت السعودية الأموال ببذخ شديد. وكانت المتطلبات السابقة تقتضي موافقة الملك على كافة العقود التي تزيد على 100 مليون ريال، لكنها أخذت بالتغير التدريجي لتصل إلى 200 مليون ريال، ثم 300 مليون ريال، قبل أن تصل إلى 500 مليون ريال، وهو القانون الذي تم إلغائه لاحقًا بالكلية. عندها سأل الصحفي: ما حجم المبالغ التي تم هدرها؟! فتأمل "آل الشيخ" جهاز التسجيل الموضوع على الطاولة، وطلب إغلاقه، قبل أن يتدخل سمو الأمير محمد، قائلًا "لا! يمكنك قول ذلك وجهاز التسجيل يعمل"، فأجاب "الشيخ": إنها تصل ما بين 80 – 100 مليار دولار من النفقات غير اللازمة كل عام، ما يعني ربع الموازنة السعودية بالضبط، عندها بادر الأمير محمد بن سلمان بسؤال: ما هي المسافة التي تفصلنا عن الأزمة المالية؟ فقال "آل الشيخ": إن الأمر أفضل الآن، ولكنك لو سألتني هذا السؤال قبل عام من الآن لوجدتني على شفا الإصابة بانهيار عصبي. وأضاف في المقابلة ذاتها: "في الربيع الماضي، عندما توقع صندوق النقد الدولي وغيره أن تساعد الاحتياطيات السعودية في إنقاذ البلاد لمدة خمس سنوات على الأقل من انخفاض أسعار النفط، اكتشف فريق الأمير أن المملكة ستصبح وبسرعة في حالة إعسار. ولو بقي وضع الإنفاق عند مستويات شهر أبريل من العام الماضي لتعرضت المملكة "للإفلاس التام" خلال عامين فقط، في أوائل عام 2017.. ومن أجل تجنب الكارثة، قام الأمير بتقليل الميزانية بنسبة 25 في المائة، وأعاد تطبيق ضوابط الإنفاق الصارمة واللجوء إلى أسواق الدين، كما بدأ في تطوير ضريبة القيمة المضافة والرسوم الأخرى، ما عمل على التقليل من معدل استنزاف احتياطات السعودية النقدية الذي وصل إلى 30 مليار دولار أميركي في الشهر خلال النصف الأول من عام 2015.

الإصلاح الاقتصادي .. الانطلاقة بالأرقام

العام / الأحداث سعر برميل النفط بالدولار (متوسط السنة) الإيرادات النفطية (مليار ريال) الإيرادات غير النفطية (مليار ريال)
2010 76.6 670 71
2011 106 1034 83
2012 109 1145 102
2013 105.5 1035 121
2014 (بداية انهيار برميل النفط) 95.5 913 131
2015 (بداية حكم الملك سلمان) 53 444.5 163.5
2016 43 329 199

المصدر: موقع oil price و Jodi World Databases تحديثات يناير 2021

لم تكن 2016 سوى بداية الإصلاح والانطلاق نحو التحول التاريخي للاقتصاد السعودي، بالتزامن مع ما يمكن وصفه بالإصلاحات الثورية الاجتماعية، من بينها قوانين تخص وضع المرأة في السعودية، وكذلك الترفيه والفن والسياحة.

وقد يطرح البعض سؤال، قد يراه منطقيًا، لماذا نهتم بمؤشرات المرأة عند الحديث عن الاقتصاد؟ والإجابة ببساطة لأنها تمثل الوزن النسبي الكبير فى جناحي سوق العمل (المشتغلين والمتعطلين)، وتمثل المرأة السعودية 22% من المشتغلين، و64% من المتعطلين، وبالتالي فإن إدماجها في المجتمع بصورة أكبر، يعني اجتياز نصف الطريق نحو حل مشكلات سوق العمل والبطالة.

أبرز إنجازات خطة الإصلاح الاقتصادي

مع مبادرات التوطين، والمشروعات العملاقة في البنية التحتية والاستثمار، والسياحة، والمدن الجديدة، يبقى من مؤشرات النجاح الأهم على الإطلاق، رفع نسبة مساهمة الإيرادات غير النفطية فى إجمالي إيرادات الموازنة العامة السعودية، وإصلاح المنظومة المالية، وإدخال الضرائب كأحد موارد الدولة مثلها مثل أي دولة في العالم، ومن دون أي اعتبار لتحركات سعر برميل النفط سواء بالهبوط أو الارتفاع، وهو ما يؤكد أن خطة التنويع وخلق موارد جديدة وفك الارتباط بالنفط مستمرة دون توقف ولا عودة للوراء:

العام / الأحداث سعر برميل النفط بالدولار (متوسط السنة) الإيرادات النفطية (مليار ريال) الإيرادات غير النفطية (مليار ريال)
2016 (اعلان مقترح طرح أرامكو) 45 329 199
2017 54 440 256
2018 (تمهيد الطريق لطرح أرامكو) 71 491 287
2019 (17 نوفمبر - طرح ارامكو) 64 602 315
2020 (جائحة كورونا) 41 513 320

المصدر بيانات وزارة المالية

أما الطفرة الكبرى والكاملة في تنويع الاقتصاد، فمن المؤكد أن السعوديين يسيرون بخطى ثابتة نحو تحقيقها، حيث لا طريق سوى فك الارتباط التام بين الاقتصاد السعودي وبرميل النفط، وهو ما تعمل عليه الحكومة من خلال ما يمكن وصفه بتغيير الهيكل الاقتصادي:

هيكل الاقتصاد السعودي 2015

هيكل الاقتصاد السعودي المستهدف لتحقيق التنوع الاقتصادي

وبناءً على ما سبق، تكثف الحكومة جهودها من أجل خلق موارد جديدة للاقتصاد، كقاطرات جديدة للتنمية، بخلاف النفط والبتروكيماويات، وهو ما نلمسه واقعًا في قطاعات صناعية، ترفيهية، سياحية، لوجستية، تعدينية وغيرها من المجالات المتعددة التي تستلزم جذب مستثمرين محليين وأجانب. وبما أن تلك المجالات لم يخترقها أحد من قبل خصوصًا الاستثمار في الترفيه والسياحة، وبالتالي تحمل مخاطر عالية مما يجعل المستثمر في حالة ترقب، فقد تولت الحكومة زمام المبادرة، حيث قادت هذه الجهود الرائدة لاختراق هذه المجالات للمرة الأولي في تاريخ المملكة، وحققت نجاحات كبيرة ساهمت في تحفيز القطاع الخاص في اختراق تلك المجالات بقوة، وهو ما سيتضاعف بعد زوال جائحة كورونا.

ماذا لدينا غير النفط؟

لعلك تسأل نفسك هذا السؤال، خلال حديثنا عن فك الارتباط بين النفط والاقتصاد، والحقيقة أن واقعنا يقول أن لدينا الكثير بخلاف النفط، كقدرات كامنة للسعودية والتي يجري استغلالها في استراتيجيات تنويع الاقتصاد، وأهمها ما يلي:

تلك هي بعض القدرات على سبيل المثال لا الحصر، ولعلك أيضًا يتبارد إلى ذهنك نفس السؤال الذي باغتنا حين بدأنا بحثنا في تلك النقطة، وهو نحن بالفعل لدينا تلك الموارد والقدرات، لكنها تحتاج إلى تمويل من أجل الإنتاج والتصنيع والتصدير وخلافه، فمن أين سنأتي بهذا التمويل؟ خلال الفترة المقبلة، سوف يكون من الطبيعي أن يقضي السائح السعودي الصيف بنيوم السعودية بدلًا من شواطئ جنوب فرنسا، وشراء سيارة مجمعة محليًا، بدلًا من استيرادها بأضعاف ثمنها، كما أن التمويل الضخم اللازم لتغطية عمليات استخراج وإنتاج كل هذه الموارد المخبأة بباطن الأرض والبحر لها حلولٌ عملية جرى تجريبها في العالم من بينها عائد طرح نسبة طفيفة من أرامكو على مستثمرين، وعائد إعادة تدوير واستغلال أصول الدولة غير المستغلة، وعائد طرح سندات بسوق الدين العالمي.

وجدير بالذكر أنه مع تفشي جائحة كورونا في العالم 2020، ظنّ العالم أن تتباطأ وتيرة الإصلاح والتغيير التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن كان الواقع يقول كلمته عبر افتتاح مشروع "ذا لاين" والإعلان عن مشروع تطوير الرياض، رغم استمرار الجائحة، مما يؤكد على الإرادة الصلبة للقيادة السعودية والرغبة الحقيقية فى الاستمرار بالإصلاح والتحول الاقتصادي مهما كلفها الأمر.