نهاية العالم..


بين حقائق الأديان وروايات الأساطير

كويكب على وشك الاقتراب من الأرض.. موجات حرارة شديدة تضرب كافة الأنحاء.. عواصف شمسية مرتقبة.. أنباء متكررة تعيد على الأذهان ما يتردد بين الحين والآخر عن النظريات والأساطير التي تتحدث عن قرب نهاية العالم.

رغم أن تلك الأنباء المتكررة تحمل طالعًا سيئًا للحياة على كوكب الأرض، إلا أن هناك أيضًا أنباءً أخرى سارة تشير إلى أنه لا يزال هناك المليارات من السنوات لحدوث ذلك، إن لم يحدث تدخل بشري.

ومن الناحية الأكاديمية، تخضع نهاية العالم للدراسة من خلال علم النهايات Eschatology، وهو مصطلح ظهر للمرة الأولى في اللغة الإنجليزية عام 1844م تقريبًا، ويُعرّفه قاموس أوكسفورد الإنجليزي على أنه

"جزء من اللاهوت، معني بالموت والدينونة والمصير النهائي للنفس والجنس البشري".

نبوءات كاذبة

نبوءات عمرها من عمر البشر، لحسن الحظ، لم تثبت –حتى الآن- صحة أيًا منها تشير إلى الموعد والطريقة التي سينتهي بها العالم، ففي العام 1910م، توقع عالم الفلك الفرنسي كاميل فلاماريون أن يصطدم مذنب هالي بالكرة الأرضية ويقتل كل ما عليها، ما أثار حالة من الرعب والهلع، ووصف الناس المذنب بأنه "عين السماء الشريرة"، لكنه مرّ حينها بين الأرض والشمس دون أن يسبب أية أضرار بالأرض أو غلافها الجوي.

ومذنب هالي هو مذنب دوري يظهر كل حوالي 76 عامًا تقريبًا، وشوهد في آخر ظهور له في العام 1986م، ومن المقرر أن يعود في العام 2061م.

تقويم المايا

تعبير ارتبط تداوله أيضًا بالتكهنات بشأن نهاية العالم، وهو نظام تقويم فلكي، وضع قديمًا لمعرفة نشأة الكون ومراحل تطوره، وبموجب هذا التقويم، اعتقد البعض أن نهاية الكون ستكون بحلول عام 2012م، وتم إصدار فيلم باسم "2012" رسخ من تلك النظرية لدى البعض.

وفي العام 2017م

قال العالم البريطاني ديفيد ميد أن نهاية العالم أصبحت وشيكة، داعيًا إلى ترقب اصطدام كوكب يدعى "نيبيرو" بالأرض، وذلك بحلول سبتمبر من العام ذاته، زاعمًا أنه يستند في ذلك إلى أدلة بالكتاب المقدس والأهرامات المصرية.

القمر الدموي

أما الأساطير القديمة فقد ربطت بقوة بين خسوف القمر وتحوله للون الأحمر (القمر الدموي) ونهاية العالم، كما اعتبر البعض تلك الظاهرة نتيجة لأن القمر قد أكله وحش ضخم، إلا أن ظاهرة القمر الدموي تحدث عندما يبدأ القمر في الظهور من ظل الأرض، ويحدث هذا التغيير في اللون لأن ضوء الشمس ينحني عندما يمر عبر الغلاف الجوي للأرض، ويُعرف هذا التأثير الغريب باسم "تشتت رايلي"، والذي يقوم بتصفية نطاقات الضوء الأخضر والبنفسجي في الغلاف الجوي أثناء الخسوف، تاركًا توهجًا أحمر فقط.

NT7
2002

الأمر لم يقتصر على العلماء، حتى وكالة "ناسا" الفضائية، فقد ربطت نهاية الكون بالكويكب المعروف بـ "2002 NT7 وقالت أنه من المقرر أن يصطدم بسرعة هائلة بكوكب الأرض في العام 2019م، ويشكل ضررًا بالغًا، إلا أن الوكالة العالمية قد عدّلت من تصريحاتها ولفتت إلى أن العلماء قد بالغوا في تقديراتهم في هذا الشأن، وأن التأثير الحقيقي ربما يحدث 2060م.

الأديان والمعتقدات

للأديان والمعتقدات آراء أخرى، تنطوي معظمها على اضطراب أو تدمير عنيف للعالم في نهايته، فوفق الدين الإسلامي، تتمثل نهاية العالم في يوم القيامة، حيث ينقسم مصير الناس إلى جانبين، إما جنة النعيم أو عذاب جهنم، وتنقسم علامات يوم القيامة في الإسلام إلى علامات صغرى منها تطاول الحفاة العراة في البنيان، خروج 30 دجالًا يدعون النبوة، وعلامات الكبرى وعددها عشر، هي: الدخان، ظهور الدجال، ظهور الدابة المتكلمة، شروق الشمس من الغرب، نزول عيسى المسيح، ظهور يأجوج ومأجوج، وانخسافات الأرض من الشرق ثم من الغرب.

وفي المسيحية، تتمثل نهاية العالم في "حرب هرمجدون" وهي النقطة الفاصلة في التاريخ بين الخير والشر.

وبحسب العقيدة البهائية، يُنظر إلى مجيء كل رسول على أنه نهاية العالم ويوم الحساب لأتباع الديانة السابقة، الذين قد يختارون قبول الرسول الجديد ودخول "جنة" الإيمان، أو التنديد بالرسول الجديد ودخول "جحيم" الإنكار.

وفي البوذية، هناك نهايتان للعالم، الأولى هي ظهور "مايتيريا" –وهو كيان روحي- بعد 5000 سنة من موت بوذا، أي حوالي 4600م وبعد حوالي 2500 سنة من الآن حيث يبتعد الناس وينسون أفكار بوذا وينتشر الانحلال في المجتمعات الإنسانية، والثانية عندما يبدأ ظهور 7 شموس متتالية، أو ما يسمى بـ "خطبة الشموس السبع" وتكون نهاية الخلق والإنسانية التامة.

وبحسب تقاليد الهندوسية، يعتقد الهندوس أن نهاية العالم ستأتي بعد ظهور "كالكي"، وهو التشخيص العاشر والأخير للإله فشنو، وعندها سينتهي العصر وتتحلحل الخليقة لولادة كون جديد.

نظريات واحتمالات

كيف سينتهي العالم؟.. علامات استفهام أثارت العديد من الإجابات، لم تحسم إحداها الطريقة التي سينتهي بها العالم، ولكنها ستظل مجرد تنبؤات بما يمكن أن يحدث على مدار ملايين -وربما مليارات- السنوات.

اصطدام كويكب بالأرض

يستلهم أنصار تلك النظرية فكرتهم من حادث اصطدام كويكب بحجم المدينة لخليج المكسيك قبل 66 مليون سنة، والتي على أثرها انقرضت الديناصورات الموجودة على سطح الأرض، حيث لا يزال يعتقد البعض أنه لولا هذا الحدث، لربما استمرت الديناصورات في السيطرة على الأرض.

واستنادًا على ذلك، فإنه يمكن لأي كويكب مستقبلي أن يقضي على كل شخص على وجه الأرض بسهولة، لكن، لحسن الحظ، من غير المرجح أن يحدث هذا في أي وقت قريب، حيث أنه وفقًا للسجل الجيولوجي للتأثيرات الكونية، يصطدم كويكب كبير بالأرض كل 100 مليون سنة تقريبًا، وفقًا لوكالة ناسا، بينما تحدث اصطدامات الكويكبات الأصغر طوال الوقت، حتى أن هناك أدلة على أن بعض الأشخاص ربما قتلوا بسبب اصطدام نيزك صغير خلال بضعة آلاف من السنين الماضية.

الكويكبات

الكويكبات هي صخور تدور حول الشمس وتتصادم أحيانًا مع الأرض

ويعتقد العلماء أنه إذا ضرب الأرض كويكب بحجم عُشر الذي تسبب في انقراض الديناصورات، فإن النتائج ستكون مدمرة، كما أن ارتطام الكويكبات بالأرض يمكن أن يطلق جزيئات كافية لحجب الشمس لأشهر والتسبب في مجاعة تقتل مئات الملايين.

وفي عام 2011م، أعلنت وكالة "ناسا" أنها قامت برسم أكثر من 90% من الأجسام في الفضاء التي يزيد قطرها عن كيلومتر واحد، وأنه من غير المحتمل أن يصطدم أي منها بالأرض، ولكن لا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن الأجسام الصغيرة التي -على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تتسبب في كارثة عالمية- إلا أنها يمكن أن يكون لها تأثير محلي كبير بما يكفي لتعطيل النظم الاجتماعية والاقتصادية .

الثوران البركاني

أدى انفجار بركاني هائل قبل 74 ألف عام إلى إخراج الكثير من الحطام في الغلاف الجوي، لدرجة أن العلماء يعتقدون أنه تسبب في تبريد الأرض بعدة درجات مئوية، ويعتقد بعض الخبراء أن هذا تسبب في أكبر انقراض جماعي للنباتات والحيوانات في تاريخ البشرية، مما جعل الأنواع على وشك الانقراض، لكن ما احتمالية حدوث ذلك اليوم؟!

تشير البيانات إلى حدوث ثوران بركاني هائل في المتوسط كل 17 ألف عام، كما ليس هناك طريقة لتوقع الانفجارات البركانية قبل أكثر من بضعة أسابيع أو أشهر، وليس هناك أيضًا أي طريقة لتقليل احتمالية اندلاع البركان في الوقت الحالي، لكن العلماء يراقبون العديد من احتمالات الخطر.

الحرب النووية

لم يمض وقت طويل عندما كنا نتخيل أنه ما زال الحديث مبكرًا عن إمكانيات نووية تدميرية، لكنه أصبح واقعًا في الوقت الحالي، في ظل المئات من الأسلحة النووية جاهزة للإطلاق في غضون دقائق، وهي حقيقة مقلقة بالنظر إلى أن أكبر تهديد للحرب النووية قد يكون حادثًا أو سوء فهم، حيث كادت إنذارات خاطئة أن تشعل حربًا عالمية ثالثة تدمر البشرية لعدة مرات منذ الستينيات.

تشير البيانات إلى حدوث ثوران بركاني هائل في المتوسط كل 17 ألف عام، كما ليس هناك طريقة لتوقع الانفجارات البركانية قبل أكثر من بضعة أسابيع أو أشهر، وليس هناك أيضًا أي طريقة لتقليل احتمالية اندلاع البركان في الوقت الحالي، لكن العلماء يراقبون العديد من احتمالات الخطر.

ومن شأن أي تفجير نووي من أحد أقوى أسلحة اليوم من شأنه أن يتسبب في معدل وفيات يتراوح بين 80 و 95% في منطقة الانفجار التي تمتد إلى دائرة نصف قطرها 4 كيلومترات - على الرغم من أن "الضرر الشديد" يمكن أن يصل إلى ستة أضعاف.

الوفيات الفورية جراء استخدام تلك الأسلحة النووية ليست الإشكالية الوحيدة، لكن ما يثير القلق حقًا هو ما يعرف بـ "الشتاء النووي"، وهو أثر بيئي افتراضي يعبر عن حالة الطقس التي يمكن أن تعقب أية حرب نووية، ويحدث هذا عندما تغطي سحب الغبار والدخان المنبعثة الكوكب وتحجب الشمس، مما تسبب في انخفاض درجات الحرارة، ربما لسنوات.

وإذا تم تفجير 4000 سلاح نووي -وهو احتمال في حالة اندلاع حرب نووية شاملة بين الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تمتلكان الغالبية العظمى من مخزون العالم من الأسلحة النووية- فسيقتل عدد لا يحصى من الأشخاص، وقد تنخفض درجات الحرارة بمقدار 8 درجات مئوية على مدى أربع إلى خمس سنوات، ولن يكون البشر قادرين على زراعة الغذاء، كما ستعم الفوضى والعنف.

تغير مناخي كارثي

في العام 2018، أصدرت لجنة من العلماء في الأمم المتحدة تقريرًا يقول إنه أمامنا 12 عامًا فقط لإبقاء الاحتباس الحراري العالمي عند مستويات معتدلة، وتختلف توقعات تأثيرات تغير المناخ اعتمادًا على مقدار ارتفاع درجة حرارة الأرض (عادةً ما تكون على غرار زيادة من 1 إلى 3 درجات مئوية)، لكن لا تبدو أي من السيناريوهات جيدة.

وفي أحسن الأحوال، نحن نتحدث عن أعاصير مدارية أكثر تواترًا وشدة، بينما تشمل التنبؤات متوسطة المدى فقدان غالبية الأراضي الزراعية العالمية ومصادر المياه العذبة، وفي أسوأ الأحوال، ستنتهي الحضارة الإنسانية، حتى إذا تم الإبقاء على الالتزامات العالمية الحالية لخفض انبعاثات الكربون، فهناك احتمال كبير لزيادة درجة حرارة الأرض بمقدار 3 درجات مئوية، مما قد يتسبب في غرق معظم البلدان.






شارك عبر: